responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 336
وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِدِيَانَةٍ بَلْ هُوَ فِسْقٌ فِي دِيَانَتِهِمْ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِ دِيَانَتِهِمْ تَحْرِيمَ الرِّبَا وَذَلِكَ مِثْلُ خِيَانَتِهِمْ فِيمَا اُؤْتُمِنُوا فِي كُتُبِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ نُهُوا عَنْهُ فَكَذَلِكَ الرِّبَا كَاسْتِحْلَالِهِمْ الزِّنَا.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَجَهْلُ صَاحِبِ الْهَوَى فِي صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَجَهْلُ الْبَاغِي؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلدَّلِيلِ الْوَاضِحِ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهِ يَثْبُتَ. فَلَا يَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ حَدُّ الشُّرْبِ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ زَاجِرًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي إيجَابِهِ عَلَيْهِ تَعَرُّضٌ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. فَأَمَّا سَائِرُ الْأَحْكَامِ مِثْلُ إثْبَاتِ التَّقَوُّمِ وَإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُتْلِفِ وَصِحَّةِ الْبَيْعِ وَإِيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَإِيجَابِ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ فَلَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّ دِيَانَةَ الْكَافِرِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عَلَى غَيْرِهِ بَلْ أَثَرُهَا فِي دَفْعِ التَّعَرُّضِ عَنْهُ لَا غَيْرُ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَيْ عَنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ تَقْوِيمَ الْأَمْوَالِ وَإِحْصَانَ النُّفُوسِ مِنْ بَابِ الْعِصْمَةِ وَتَفْسِيرَهَا الْحِفْظَ عَنْ التَّعَرُّضِ فَيَكُونُ فِي تَحْقِيقِ الْعِصْمَةِ لِنُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ تَحْقِيقُ الْحِفْظِ لَهَا عَنْ التَّعَرُّضِ أَيْضًا يَعْنِي كَمَا أَنَّ إسْقَاطَ حَدِّ الشُّرْبِ عَنْ الْكَافِرِ بِدِيَانَتِهِ لَهُ مِنْ بَابِ تَرْكِ التَّعَرُّضِ، وَحِفْظُهُ عَنْهُ إثْبَاتُ تَقَوُّمِ الْخَمْرِ وَإِبْقَاءُ الْإِحْصَانِ بِدِيَانَتِهِ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ عَنْ التَّعَرُّضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ وَالنُّفُوسَ لَا تَصِيرُ مَعْصُومَةً عَنْ تَعَرُّضِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ عِنْدَ الْإِتْلَافِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْحِفْظِ عَنْ التَّعَرُّضِ كَسُقُوطِ حَدِّ الشُّرْبِ. وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ دِيَانَتَهُمْ مُعْتَبَرَةٌ فِي دَفْعِ التَّعَرُّضِ، وَدَفْعُ الْخِطَابِ عَنْهُمْ عَدَمُ اعْتِبَارِ دِيَانَتِهِمْ فِي اسْتِحْلَالِ الرِّبَا حَتَّى إنَّ الذِّمِّيَّ إذَا بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ مِنْ ذِمِّيٍّ آخَرَ ثُمَّ تَرَافَعَا إلَى الْقَاضِي أَوْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا يَجِبُ نَقْضُهُ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ مُسْلِمٌ وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي ذَلِكَ دِيَانَتُهُ لِحِلِّ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ وَجَوَازِهِ. لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْ اسْتِحْلَالُ الرِّبَا مِنْهُمْ لَيْسَ بِدِيَانَةٍ؛ لِأَنَّ مِنْ دِيَانَتِهِمْ تَحْرِيمُ الرِّبَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى. {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} [النساء: 160] {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161] . وَذَلِكَ أَيْ اسْتِحْلَالُ الرِّبَا مِنْهُمْ فِي كَوْنِهِ فِسْقًا مِثْلُ خِيَانَتِهِمْ فِيمَا اُؤْتُمِنُوا مِنْ كُتُبِهِمْ بِتَغْيِيرِ الْأَحْكَامِ وَتَبْدِيلِ صِفَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. لِأَنَّهُمْ نُهُوا عَنْ ذَلِكَ أَيْ عَنْ الْخِيَانَةِ عَلَى تَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ فَكَانَتْ الْخِيَانَةُ مِنْهُمْ فِسْقًا لَا دِيَانَةً.
وَلِهَذَا ذَمَّهُمْ اللَّهُ بِقَوْلِهِ. {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46] . فَكَذَلِكَ الرِّبَا وَذَلِكَ الِاسْتِحْلَالُ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَحَلُّوا الزِّنَا أَوْ السَّرِقَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِمْ حَتَّى يَجِبَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ فِسْقٌ مِنْهُمْ وَلَيْسَ بِدِيَانَةٍ؛ لِأَنَّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةَ حِرْمَانٌ فِي الْأَدْيَانِ كُلِّهَا فَكَذَلِكَ اسْتِحْلَالُ الرِّبَا وَلِهَذَا يُسْتَثْنَى عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ فَشَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَقْتُلُوا وَأَنْ لَا يَسْرِقُوا وَأَنْ لَا يَزْنُوا وَأَنْ لَا يَسْتَرْبُوا. وَإِلَّا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اسْتِحْلَالُ الرِّبَا فِسْقًا مِنْ الْيَهُودِ فَإِنَّ النَّهْيَ تَحَقَّقَ فِي حَقِّهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمَجُوسِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِكِتَابٍ وَلَا نَبِيٍّ. لِأَنَّا نَقُولُ كَانَ شَرْعُ تَحْرِيمِ الرِّبَا عَامًّا وَلَمْ يَكُنْ الرِّبَا مَشْرُوعًا قَطُّ فِي دَيْنٍ مِنْ الْأَدْيَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الظُّلْمِ وَهُوَ حَرَامٌ فِي الْأَدْيَانِ كُلِّهَا وَلَمْ يَكُنْ عَقْدُ الذِّمَّةِ مَشْرُوعًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِيُعْتَبَرَ مَانِعًا مِنْ بُلُوغِ الْخِطَابِ فَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ.
قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى عَلَيْهِمْ أَنْوَاعَ تَصَرُّفٍ يَقَعُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عَلَى الشَّرِكَةِ كَالرِّبَا وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُمْ مُبَاشَرَتُهَا وَاعْتَادُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي عُقُودِهِمْ مَعَنَا فَتَعَذَّرَ عَلَى التَّاجِرِ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَأَمَّا عُقُودُ مُعَامَلَاتٍ تَجْرِي بَيْنَهُمْ خَاصَّةً لَا يَتَعَدَّى شَرُّهَا إلَيْنَا فَتُرِكُوا وَدِيَانَتُهُمْ كَالْأَنْكِحَةِ وَشُرْبُ الْخَمْرِ.

[جَهْل صَاحِبِ الْهَوَى فِي صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحْكَامِ الْآخِرَةِ]
قَوْلُهُ (وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي) وَهُوَ الْجَهْلُ الَّذِي دُونَ جَهْلِ الْكَافِرِ وَلَكِنَّهُ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا أَيْضًا فَجَهْلُ صَاحِبِ الْهَوَى فِي صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِثْلُ جَهْلِ الْمُعْتَزِلَةِ بِالصِّفَاتِ فَإِنَّهُمْ أَنْكَرُوهَا حَقِيقَةً بِقَوْلِهِمْ أَنَّهُ تَعَالَى عَالَمٌ بِلَا عِلْمٍ قَادِرٌ بِلَا قُدْرَةٍ سَمِيعٌ بِلَا سَمْعٍ بَصِيرٌ بِلَا بَصَرٍ وَكَذَا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست